
كانت عيناه تدمعان بلآلئ ….. لآلئ ماسية كنت أخاف على سقوطه .. رفع منديله وبدأ يجفف دموعه…
صمت سيقتل حياتنا المضنية، وآهات ستنفجر من حرقة الحنجرة، ودخان لهيب حارق يخرج متصاعداً مع أنات متكسرة.
بين حين وآخر ينبض ألم الضمير مع كل دقةٍ من دائرة القلب وتتراءى الأحزان متشحةً بكوكبةٍ سوداء تجرها عرباتٌ محملة بأيام باكية.
كم من الآلام تستطيع أن تحمل أجسادنا المتآكلة على محك الشقاء، وما هي كمية المصائب التي توافق عقولنا البشرية…لقد تحطمت الأرقام…وتناثرت المشاعر…لتبقى النفوس المعذبة…في كثير من الأحيان تركع السعادة، يتمتم الفرح بكلماته، ولكنه ! يبقى بعيداً على قارعة العمر نلقاه في المناسبات ونتحدث عن مغيبه في كل الجلسات.
بعد الحديث الذي يطول ويطول نفاجأ بذكرياته المبتسمة ونسترسل ساعات كاد الزمن يمحيها من شدة التطفل المأساوي، ولكن الشمعة في دربٍ مظلم خيرٌ من لا شيء، وبالطبع قطرة ماء في صحراء مستعرة أفضل من جفاف حارق، وهكذا يبقى الأمل برعماً صغيراً يتمايل في أرض متخومة بالأشواك، وربما احترق ذلك الأمل فكان مسماراً أكله الصدأ ولكنه ما زال ثابتاً في جدار الزمن…
ونعود من جديد لننفث دخان الحزن في هواء الحياة، ولتذوب متاعبنا في رشفةٍ من فنجان قهوة صباحية، حتى مرارة القهوة تأسرك في نشوتها على الرغم من مرارتها، وما نلبث إلا أن نغفر لها قسوتها…هكذا هي حياتنا على الرغم من كل المتاعبنا المستمرة تسحرنا نشوته وحرارتها فنعانقها في ليالينا ونتشبث بها عندما يتسلل المرض إلى ثنايا ضلوعنا.
أحياناً يسيطر القلق على كل جوارحنا وتضطرب الابتسامة الباهتة على الشفاه وقت تغادر الحياة محطة أحد منا، ربما لأننا ننسى أن من احترقت أعصابه وتبددت آهاته وانبعثت زفراته من كل الحنايا هو الذي مات ما بداخله من شعور إنساني جميل تجاه من حوله بالرغم من تنفسه، وازدياد نبضات قلبه، وتمسكه بتلك النشوة …بنشوة الحياة.