
أكره الضجيج .. أكره الزحام .. أهرب من هذا الطوفان البشري الذي يجتاح عالمي .. ابحث عن لحظة هدوء .. لحظة صمت .. لحظة سكون ..
أبحث عن فرصة لأقف أمام ذاتي ..
أبحث عن فرصة لأتأمل هذا الوجه الذي يبحلق بي كلما نظرت في المرآة ..
أبحث عن لحظة صمت لأسمع همس أعماقي ..
أبحث عن لحظة سكون لأتفحص هذه العروق التي تنبض داخلي .. أتراها لا زالت تنبض بالحياة أم قتلها هدير اليشر و صراخهم ..
أضع يدي على أذني .. هناك همسة شجية تهمس بها نفسي كل مساء .. لماذا يحرمني هذا الكون من ان استمع اليها جيدا ؟؟
أغلق كل نوافذ نفسي .. أغلق أبواب كياني .. لا اريد لهذا الحطام ان ينتقل اليّ .. لا اريد لهذا الضباب ان يزحف اليّ .. لا اريد لهذا التلوث ان يتسلل إليّ ..
ضجيج .. زحام .. أبواق .. زعيق .. صراخ ..
من يبيعني لحظة هدوء ..
من يسكب في أذني لحظة صمت ..
من يقول للعالم ان للصمت جماله ..
للصمت روعته ..
للصمت رونقه ..
زعموا ان الصمت هو الموت ..
زعموا ان السكون هو حياة المقابر ..
زعموا ان الهدوء رمز للكسل ..
لا ..
الهدوء رمز للتحضر ..
الصمت رمز للحكمة ..
السكون رمز للأمان ..
دعونا نتحرك بهدوء .. كعقارب الساعة .. انها تركض ولا تكف عن الحركة .. ولكن .. بهدوووووء .. لاتزعج الآخرين .. لاتقرع فوق رؤوسهم بعقاربها و نبضاتها ..
دعونا نعمل بهدوء ..كتلك النملة التي تحمل الحبة و تجاهد و تعافر في سبيل الوصول برزقها الى بر الآمان ولكن .. بهدووووء .. لا تقرع الطبول ولا تنقر الدفوف عندما تؤدي عملها ..
دعونا نعمل بصمت .. هذا العالم ضج بنا و بصراخنا .. لو كان لنا جيران في الكواكب الآخرى لأشتكوا من ضجيجنا .. واشتكوا من تلوث حياتنا بتلك الأصوات الصاخبة التي تحاصرنا من كل زاوية ..
أهبط الى الشارع كل صباح .. تحاصرني أبواق السيارات و كتل البشر و سحب العوادم وغبار كثيف من كل جانب ..
أصل الى مكتبي .. ضجيج .. صراخ .. زعيق .. كلام لا ينتهي .. هاتف لا يتعب و لا ينام ..
أعود الى بيتي وفي رأسي رصاصة تدوي وتزن و تتراقص .. لا تريد أن تقتلني ولكن .. تريد أن تعذبني ..زنننننننننننننننننننننن ..
توتر .. قلق .. إكتئاب .. هذه مكاسبي اليوم و كل يوم ..